٧ قوله : { فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابتغاء الفتنة } [ ٧ ] يعني الكفر . { وابتغاء تَأْوِيلِهِ } [ ٧ ] يعني تفسيره على ما يوافق هوى نفوسهم . { وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّه } [ ٧ ] قال ابن عباس رضي اللّه عنهما : أنزل القرآن على أربعة أحرف ، حلال وحرام لا يعذر أحد بجهالته ، وتفسير تفسره العرب ، وتفسير تفسره العلماء ، ومتشابه لا يعلمه إلاَّ اللّه تعالى ، فمن ادعى علمه سوى اللّه عزَّ وجلَّ فهو كاذب . قوله : { والراسخون فِي العلم } [ ٧ ] قال : حكي عن علي رضي اللّه عنه : هم الذين حجبهم العلم عن الاقتحام بالهوى والحجج المضروبة ، دون الغيوب لما هداهم اللّه وأشرفهم على أسراره المغيبة في خزائن العلوم فقالوا : { آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا } [ ٧ ] فشكر اللّه تعالى لهم وجعلهم أهل الرسوخ والمبالغة في العلم زيادة منه لهم ، كما قال اللّه تعالى : { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } [ طه : ١١٤ ] قال سهل : استثنى اللّه تبارك وتعالى الراسخين في العلم بقولهم : { كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا } [ ٧ ] يعني الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه ، وهم الكاشفون عن العلوم الثلاثة إذ العلماء ثلاثة : الربانيون والنورانيون والذاتيون ، وبعد العلوم الأربعة : الوحي والتجلي والعندي واللدني ، كما قال تعالى : { آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً } [ الكهف : ٦٥ ] ، { وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الألباب } [ البقرة : ٢٦٩ ] أي وما يتذكر إلاَّ أولو الفهم والعقول الذين يقولون : { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا } [ ٨ ] أي لا تُمل قلوبنا عن الإيمان بعد إذ هديتنا بهداية منك ، { وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوهاب } [ ٨ ] لمن رجع إليك بالافتقار والتضرع والمسكنة . ثم قال سهل : ليس للعبد حيلة سوى أن يواظب في جميع عمره على قول : ( رب سلم سلم ، الأمان الأمان ، الغوث الغوث ) . قال اللّه تعالى : { كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ } [ الأعراف : ٢٩ ] يعني ينبغي للموحد أن يعلم يقيناً أنه ليس كل من أحل الحق أحبه ، لأن إبليس قابله بعلاء الحب فقال : { أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً } [ الإسراء : ٦١ ] وأنت اللّه لا يجوز أن يعبد غيرك ، حتى لعنه . فليس كل من تقرب إليه قبله وليس كل من أطاعه قبل طاعته ، إنه بصير بما في الضمير ، فلا يأمن أحد أن يفعل به كما فعل بإبليس لعنه بأنوار عصمته ، وهو عنده في حقائق لعنته ، ستر عليه ما سبق منه إليه حتى عاقبه بإظهاره عليه ، فليس للعبد إلاَّ استدامة الغوث بين يديه . وقد كان الرسول صلى اللّه عليه وسلم يقول : ( يا ثابت المثبتين ثبتني بثباتك ، يا ثابت الوحدانية لا إله إلاَّ أنت ، سبحانك إني كنت من الظالمين ) وكان يقول : ( يا ولي الإسلام وأهله ثبتني بالإسلام حتى ألقاك به ) ، قال : وموضع الإيمان باللّه تعالى القلب ، وموضع الإسلام الصدر ، وفيه تقع الزيادة والنقصان . |
﴿ ٧ ﴾