٦٤

قوله : { قُلْ ياأهل الكتاب تَعَالَوا إلى كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّه } [ ٦٤ ] يعني إلى طمع عدل بيننا وبينكم ، لأنهم كانوا مقرين بأن خالقهم وخالق السماوات والأرض هو اللّه تعالى ، فنوحده ولا نعبد إلاَّ إياه . وأصل العبادة : التوحيد مع أكل الحلال وكف الأذى ، ولا يحصل الأكل الحلال إلاَّ بكف الأذى ، ولا كف الأذى إلاَّ بأكل الحلال ، وأن تعلموا أكل الحلال وترك أذى الخلق والنية في الأعمال كما تعلموا فاتحة الكتاب ، ليصفوا إيمانكم وقلوبكم وجوارحكم ، فإنما هي الأصول . قال : حكى محمد بن سوار عن الثوري أنه قال : منزلة لا إله إلاَّ اللّه في العبد بمنزلة الماء في الدنيا ، قال اللّه تعالى : { وَجَعَلْنَا مِنَ المآء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ } [ الأنبياء : ٣٠ ] فمن لم ينفعه اعتقاد لا إله إلاَّ اللّه والاقتداء بسنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فهو ميت . قال سهل : وإني لأعرف رجلاً من أولياء اللّه تعالى اجتاز برجل مصلوب وجهه إلى غير القبلة ، فقال : أين ذلك اللسان الذي كنت تقول به صادقاً : ( لا إله إلاَّ اللّه ) ، ثم قال : اللّهم هب لي ذنبه . قال سهل : فاستدار نحو القبلة بقدرة اللّه .

وهو قوله تعالى : { تَعَالَوا إلى كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ } [ ٦٤ ] الآية . والثالث إطاعة بالجوارح خالصاً للّه ، من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والقنوع والرضا ، فدعاهم بذلك إلى أطيب القول وأحسن الفعال ، ولو لم يكن الإيمان باللّه والقرآن الذي هو علم اللّه فيه الدعوة إلى الإقرار بالربوبية والتبعد إياه في الفزع ، لم تعرف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من أجابهم من الخلق .

﴿ ٦٤