سورة هود

١

قوله تعالى : { فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } [ ١ ] أي بيّن فيها الوعد على الطاعة ، والوعيد بالعقاب على المعصية والإصرار عليها .

٣

قوله : { وَأَنِ استغفروا رَبَّكُمْ ثُمَّ توبوا إِلَيْهِ } [ ٣ ] قال : الاستغفار هو الإجابة ، ثم الإنابة ثم التوبة ، ثم الاستغفار؛ فالإجابة بالظاهر ، والإنابة بالقلب ، والتوبة مداومة الاستغفار من تقصيره فيها .

قوله : { يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً } [ ٣ ] قال : ترك الخلق والإقبال على الحق .

١٥

قوله : { مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ } [ ١٥ ] قال : يعني من أراد بعلمه غير اللّه آتاه اللّه أجر عمله في الدنيا ، فلا يبقى له في الآخرة شيء ، لأنه لم يخلص بعمله للّه لما أحب له من المنزلة في الدنيا ، ولو علم أن اللّه سخر الدنيا وأهلها لطلاب الآخرة لم يراء بعلمه . وقد قيل لسهل : أي شيء أشد على النفس؟ فقال : الإخلاص . قيل : ولِمَ ذلك؟ فقال : لأنه ليس للنفس فيه نصيب . وسئل : هل يدخل الفرائض رياء؟ فقال : نعم ، قد دخل الإيمان الذي هو أصل الفرائض حتى أبطله وصار نفاقاً ، فكيف العمل ، فكل من لم يعب أحد عليه في ظاهره ، ويعلم اللّه خلافه من سره في أي حال كان ، فهو المرائي الذي لا شك فيه .

٢٣

قوله تعالى : { وأخبتوا إلى رَبِّهِمْ } [ ٢٣ ] أي خشعت قلوبهم إلى ربهم ، وهو الخشية ، فالخشوع ظاهر والخشية سر ، كما قال الرسول صلى اللّه عليه وسلم : ( لو خشع قلبه لخشعت جوارحه ) فقد حكي أن موسى صلوات اللّه عليه قص في بني إسرائيل ، فمزق واحد منهم قميصه ، فأوحى اللّه تعالى إلى موسى أن قل له : مزق لي قلبك ولا تمزق لي ثيابك .

٤٠

قوله تعالى : { وَفَارَ التنور } [ ٤٠ ] قال : كان تنوراً من حجارة ، وهو تنور آدم صار لنوح قد جعل اللّه فوران الماء منه علامة عذابه ، وجعل ينبوع عيون قلب محمد صلى اللّه عليه وسلم بأنوار العلوم رحمة لأمته ، إذ أكرمه اللّه تعالى بهذه الكرامة ، فنور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من نوره ، ونور الملكوت من نوره ، ونور الدنيا والآخرة من نوره ، فمن أراد المحبة حقيقة فليتبعه ، قال اللّه تعالى لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّه فاتبعوني يُحْبِبْكُمُ اللّه } [ آل عمران : ٣١ ] فجعل المحبة في اتباعه ، وجعل جزاء اتباعه محبته لعباده ، وهي أعلى الكرامة .

وقد حكي عن أبي موسى الأشعري قال : بينما نحن عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذ أقبل بنا حتى نصبنا وجهه كأنه يريد أن يخبرنا ، ثم سجد وسجدنا معه في أول النهار ، حتى كان نحو نصف من النهار ، حتى و جد بعضنا طعم التراب في أنفه ، حتى قال بعضنا لبعض : قد مات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ثم رفع رأسه فقال : ( اللّه أكبر ) فقلنا : اللّه أكبر . فقال له قائل : يا رسول اللّه ، لقد ظننا أنك مت ، ولو كان ذلك ما بالينا أن تقع السماء على الأرض . فقال : ( أتاني حبيبي جبريل صلوات اللّه عليه ، فقال لي : يا محمد ، إن ربك يقرئك السلام ، ويخيرك بين أن يدخل ثلث أمتك الجنة ، وبين الشفاعة ، فلما طمعت في الثلث اخترت الشفاعة ، فارتفع ونصبتكم وجهي أريد أن أخبركم ، فأتاني فقال : يا محمد ، إن ربك يقرئك السلام ، ويخيرك بين أن يدخل ثلثي أمتك الجنة ، وبين الشفاعة ، فلما طمعت في الثلثين اخترت الشفاعة ، فارتفع ونصبتكم وجهي أريد أن أخبركم ، ثم أتاني فقال لي : يا محمد ، إن ربك قد شفعك في الثلثين ، ولم يجبك في الثلث ، فسجدت شكراً للّه تعالى فيما أعطاني )

وقال سهل : انتهت همم العارفين إلى الحجب ، فوقفت مطرقة ، فأذن لها بالدخول ، فدخلت فسلمت ، فخلع عليها خلع التأييد ، وكتب لها من الرقع براءات ، وأن همم الأنبياء صلوات اللّه عليهم جالت حول العرش ، فألبست الأنوار ، ورفع منها الأقدار ، واتصلت بالجبار فأفنى حظوظها ، وأسقط مرادها ، وجعلها متصرفة به له . وقال : آخر درجات الصديقين أول أحوال للأنبياء صلوات اللّه عليهم ، وإن صلى اللّه عليه وسلم عبد اللّه تعالى بجميع أحوال الأنبياء ، وليس في الجنة ورقة من أوراق الأشجار إلا ومكتوب عليها محمد صلى اللّه عليه وسلم ، به ابتدأ الأشياء وبه ختمها ، فسماه خاتم النبيين .

٧٥

قوله تعالى : { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ } [ ٧٥ ] قال : إن اللّه تعالى أشرفه على حركة النفس الطبيعية وسكونها ، ولم يشرفه على علمه ، لأنه ممحو عنه أو مثبت عليه ، لئلا يسقط الخوف والرجاء عن نفسه ، فكان إذا ذكره تأوه منه وسكت عن مسألة علم الخاتمة إذ لم يكن له مع اللّه عزَّ وجلَّ اختيار . ثم قال سهل : إن الخوف رجل وإن الرجاء أنثى ، ولو قسم ذرة من خوف الخائفين على أهل الأرض لسعدوا بذلك . فقيل له : فكم يكون مع الخائفين هكذا؟ فقال : مثل الجبل الجبل .

٧٨

قوله تعالى : { هؤلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ } [ ٧٨ ] أي هن أحل لكم تزويجاً من إتيان الفاحشة .

٨٨

قوله تعالى : { وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَآ أَنْهَاكُمْ } [ ٨٨ ] قال : كل عالم أعطي علم الشر ، وليس هو مجانباً للشر ، فليس بعالم ، ومن أعطي علم الطاعات وهو غير عامل بها ، فليس بعالم . وقد سأل رجل سهلاً فقال : يا أبا محمد ، إلى من تأمرني أن أجلس إليه؟ فقال : إلى من تحملك جوارحه لا لسانه .

٩١

قوله تعالى : { وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ } [ ٩١ ] قال : حكى محمد بن سوار عن أبي عمرو ابن العلاء أنه قال : الرهط الملأ ، والنفر الرجال من غير أن تكون فيهم امرأة .

١١٣

قوله تعالى : { وَلاَ تركنوا إِلَى الذين ظَلَمُوا } [ ١١٣ ] قال : أي لا تعتمدوا في دينكم إلا على سنتي .

﴿ ٠