سورة يوسف

٦

قوله تعالى : { وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ } [ ٦ ] يعني بتصديق الرؤيا التي رأيتها لنفسك .

١٨

قوله تعالى : { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } [ ١٨ ] قال : الصبر مع الرضا . قيل : ما علامته؟ قال : أن لا يجزع فيه . فسئل : بأي شيء يحصل التجمل بالصبر؟ قال : بالمعرفة بأن اللّه تعالى معك ، وبراحة العافية ، فإنما مثل الصبر مثل قدح أعلاه الصبر وأسفله العسل . ثم قال : عجبت ممن لم يصبروا كيف لم يصبروا للحال ، ورب العزة يقول : { إِنَّ اللّه مَعَ الصابرين } [ البقرة : ١٥٣ ] .

٢١

قوله تعالى : { أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عسى أَن يَنفَعَنَآ } [ ٢١ ] يعني عسى أن يكون شفيعنا في الآخرة .

٢٤

قوله تعالى : { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لولا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ } [ ٢٤ ] يعني همَّ بنفسه الطبيعية إلى الميل إليها ، وهمَّ بنفس التوفيق والعصمة الفرار منها ومخالفتها . ومعناه أنه عصمه ربه ، ولولا عصمة ربه لهمَّ بها ميلاً إلى ما دعته نفسه إليه ، وعصمه ما عاين من برهان ربه عزَّ وجلَّ ، هو أنه جاءه جبريل صلوات اللّه عليه في سورة يعقوب عليه السلام عاضاً إصبعه ، فولى عند ذلك نحو الباب مستغفراً .

٣٦

قوله تعالى : { وَدَخَلَ مَعَهُ السجن فَتَيَانَ } [ ٣٦ ] قال : إنما قال اللّه تعالى : ( فتيان ) لأنهما لم يتجاوز واحدهما في الدعوى ، ورجعا في كل ما كان لهما إلى صاحبهما ، فسماهما فتيان .

٤٢

قوله تعالى : { اذكرني عِندَ رَبِّكَ } [ ٤٢ ] قال : حكي أن جبريل صلوات اللّه عليه دخل على يوسف في السجن ، فقال له جبريل : يا طاهر ابن طاهر ، إن اللّه تعالى أكرمني بك وبآبائك ، وهو يقول لك : يا يوسف ، أما استحييت مني حيث استشفعت إلى غيري ، فوعزتي لألبثنك بضع سنين . قال : يا جبريل ، هو عني راض؟ قال : نعم . قال : إذن لا أبالي . وكان علي ابن أبي طالب رضي اللّه عنه يقول : ما أنا ونفسي إلا كراعي غنم ، كلما ضمها من جانب انتشرت من جانب .

٥٢

قوله تعالى : { ذلك لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بالغيب } [ ٥٢ ] قال : لم أنقض له عهداً ، ولم أكشف له ستراً .

٥٣

قوله تعالى : { وَمَآ أُبَرِّىءُ نفسي إِنَّ النفس لأَمَّارَةٌ بالسواء } [ ٥٣ ] قال : إن النفس الأمارة هي الشهوة ، وهي موضع الطبع ،

{ إِلاَّ مَا رَحِمَ ربي } [ ٥٣ ] موضع العصمة ، والنفس المطمئنة هي نفس المعرفة ، وأن اللّه تعالى خلق النفس وجعل طبعها الجهل ، وجعل الهوى أقرب الأشياء إليها ، وجعل الهوى الباب الذي منه تدخل هلاك الخلق . فسئل سهل عن معنى الطبع ، وعما يوجب العصمة عنه . فقال : طبع الخلق على أربع طبائع : أولها طبع البهائم البطن والفرج والثاني طبع الشياطين اللعب واللّهو ، والثالث طبع السحرة المكر والخداع ، والرابع طبع الأبالسة الإباء والاستكبار . فالعصمة من طبع البهائم الإيمان ، والسلامة من طبع الشياطين التسبيح والتقديس وهو طبع الملائكة ، والسلامة من طبع السحرة الصدق والنصيحة والإنصاف والتفضل ، والسلامة من طبع الأبالسة الالتجاء إلى اللّه تعالى بالتضرع والصراخ ، وطبع العقل العلم ، وطبع النفس الجهل ، وطبع الطبع الدعوى .

٦٧

قوله تعالى : { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } [ ٦٧ ] فسئل ما حقيقة التوكل؟ قال : الاسترسال مع اللّه تعالى على ما يريد . فقيل : ما حق التوكل؟ فقال : أوله العلم وحقيقته العمل ، ثم قال : إن المتوكل إذا كان على الحقيقة لا يأكل طعاماً ، وهو يعلم أن غيره أحق منه .

٨٠

قوله تعالى : { قَالَ كَبِيرُهُمْ } [ ٨٠ ] أي في العقل لا في السن .

٨٥

قوله تعالى : { حتى تَكُونَ حَرَضاً } [ ٨٥ ] قال : حكي عن علي رضي اللّه عنه أنه قال : الحرض هو البلاء لتألم القلب . وقال ابن عباس رضي اللّه عنه : الحرض دون الموت . وقال سهل : أي فاسد الجسم والعمل من الحزن . وإنما كان حزنه على دين يوسف ، لا على نفسه ، لأنه علم أنه لو مات على دينه اجتمع معه في الآخرة الباقية ، وإذا تغير دينه لم يجتمعا أبداً . وقد حكي عن سفيان أنه قال : إن يعقوب عليه السلام لما جاءه البشير قال له يعقوب : على أي دين تركت يوسف؟ فقال : على دين الإسلام . قال : الآن تمت النعمة .

٨٦

قوله تعالى : { إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّه } [ ٨٦ ] يعني همي وحزني . قال سهل : لم يكن حزن يعقوب على يوسف ، إنما كان مكاشفاً لما وجد من قلبه الوجد على مفارقة يوسف فقال : كيف يكون وجد فراق الحق عزَّ وجلَّ . وقد عمل بمفارقة مخلوق كل هذا ، فشكى بثه وحزنه إلى اللّه تعالى لا إلى غيره .

٨٧

قوله تعالى : { لاَ تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللّه } [ ٨٧ ] قال سهل : أفضل الخدمة وأعلاها انتظار الفرج من اللّه تعالى ، كما حكي عن ابن عمر رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال : ( انتظار الفرج بالصبر عبادة ) وانتظار الفرج على وجهين : أحدهما قريب ، والآخر بعيد؛ فالقريب في السر فيما بين العبد وربه ، والبعيد في الخلق؛ فينظر إلى البعيد فيحجب عن القريب .

٨٨

قوله تعالى : { قَالُوا ياأيها العزيز مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضر } [ ٨٨ ] يعني يا أيها الملك العظيم ، وباطنها يا أيها المغلوب في نفسه ، كما قال اللّه تعالى : { وَعَزَّنِي فِي الخطاب } [ ص : ٢٣ ] أي غلبني فيه .

١٠١

قوله تعالى : { تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بالصالحين } [ ١٠١ ] قال سهل : فيه ثلاثة أشياء ، سؤال ضرورة وإظهار فقر واختيار فرض ، ومعناه : أمتني وأنا مسلم إليك أمري ، مفوض إليك شأني ، لا يكون لي إلى نفسي رجوع بحال ولا تدبير بسبب من الأسباب .

١٠٦

قوله تعالى : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ باللّه إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } [ ١٠٦ ] قال : يعني شرك النفس الأمارة بالسوء كما قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ( الشرك في أمتي أخفى من دبيب النمل على الصفا ) ، هذا باطن الآية ، وأما ظاهرها مشركو العرب يؤمنون باللّه ، كما قال : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللّه } [ الزخرف : ٨٧ ] وهم مع ذلك مشركون يؤمنون ببعض الرسل ولا يؤمنون ببعضهم .

١٠٨

قوله تعالى : { أَدْعُوا إلى اللّه على بَصِيرَةٍ } [ ١٠٨ ] أي أبلغ الرسالة ولا أملك الهداية ، وإنما الهداية إليك . وقد سئل سهل عن قوله عليه السلام : ( ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) ، فقال : أي من جد في الطلب ، وكان منك المنع ، لم ينفعه جده في الطلب . وقال : إن الخلق لم يكشف لهم سر ، ولو كشف لهم لأبصروا ، ولم يشاهدوا وإن شاهدوا تم الأمر ، وهذا شيء عظيم . ثم قال : أهل لا إله إلا اللّه كثير ، والمخلصون منهم قليل ، واللّه سبحانه وتعالى أعلم .

﴿ ٠