سورة الانبياء٧ قوله تعالى : { فاسئلوا أَهْلَ الذكر إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } [ ٧ ] قال : يعني أهل الفهم عن اللّه ، والعلماء باللّه وبأوامره وبأيامه . قيل : صفهم لنا . قال : العلماء ثلاثة : عالم باللّه لا بأمر اللّه ولا بأيام اللّه ، وهو عامة المؤمنين؛ وعالم باللّه وبأمر اللّه لا بأيام اللّه ، وهم العلماء؛ وعالم باللّه وبأمر اللّه وبأيام اللّه ، وهم النبيون والصديقون . ١٠ قوله تعالى : { لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ } [ ١٠ ] قال : يعني العمل بما فيه حياتكم . ٢٧ قوله : { لاَ يَسْبِقُونَهُ بالقول وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } [ ٢٧ ] قال : إن اللّه تعالى جعل الكرامات كلها للمتقين من عباده ، ثم للمبتدئين ، ووصفهم فقال : { لاَ يَسْبِقُونَهُ بالقول } [ ٢٧ ] أي لا اختيار لهم مع اختياره ، { وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } [ ٢٧ ] وهو اتباع السنة في الظاهر ، ومراقبة اللّه في الباطن . ٣٥ قوله : { وَنَبْلُوكُم بالشر والخير فِتْنَةً } [ ٣٥ ] قال : الشر متابعة النفس والهوى بغير هدى ، والخير العصمة من المعصية والمعونة على الطاعة . ٦٩ قوله تعالى : { قُلْنَا يانار كُونِي بَرْداً وَسَلاَماً على إِبْرَاهِيمَ } [ ٦٩ ] قال : النار مسلطة على الإحراق فمن لم تسلط عليه لم تحرقه . قال عمر بن واصل العنبري : كنت عند سهل ذات ليلة فأخرجت فتيلة السراج ، فنالت من إصبعي شيئاً يسيراً أولمت منه ، فنظر إلي سهل ووضع إصبعه نحو ساعتين ، لا يجد لذلك ألماً ولا أثراً بإصبعه أثر ، وهو يقول : أعوذ باللّه من النار . ٨٣ قوله تعالى : { وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضر } [ ٨٣ ] قال : الضر على وجهين : ضر ظاهر وضر باطن؛ فالباطن حركة النفس عند الوارد واضطرابها ، والظاهر إظهار ما في السر من ذلك ، فمتى احتل الضر الباطن سكن الظاهر عن إظهاره وصبر على الآلام ، وإذا تحرك الباطن تحت الوارد انزعج الظاهر بالصياح والبكاء ، فكان شكواه إلى اللّه عزَّ وجلَّ كي يعطي المعونة على رضا قلبه بالوارد ، وذلك أن القلب إذا كان راضياً بأمر اللّه لم يضر العبد ما فعلت جوارحه ، ألا ترى إلى بكاء النبي صلى اللّه عليه وسلم حين مات ابنه إبراهيم كيف بكى عليه رحمة له بطبع البشرية ، فلم يضره ما فعلت جوارحه ، لأن قلبه كان راضياً به . وكان سهل يقول لأصحابه : قولوا في دعائكم : إلهي إن طبختني فأنا قدر ، وإن شويتني فأنا محنوذ ، ولا بد أن تُعرف ، فَمُنَّ عليَّ بمعرفتك . وسئل سهل عن الدار ، دار إسلام أم دار كفر؟ فقال : الدار دار بلوى واختبار . وقال عبد الرحمن المروزي لسهل : يا أبا محمد ، ما تقول في رجل منذ خمسة وعشرين يوماً تطالبه نفسه أن تشبع ورق السدر من منذ ثمانية عشر يوماً؟ فقال له سهل : ما تقول في رجل تطالبه نفسه أن يشم ورق السدر . قال : فوثب عبد الرحمن وانتفخت أوداجه . ١٠٥ قوله : { أَنَّ الأرض يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصالحون } [ ١٠٥ ] قال : أضافهم إلى نفسه وحلاهم بحلية الصلاح ، معناه : لا يصلح إلا ما كان خالصاً لي ، لا يكون لغيري فيه أثر ، وهم الذين أصلحوا سريرتهم مع اللّه ، وانقطعوا بالكلية عن جميع ما دونه . ١٠٦ قوله : { إِنَّ فِي هذا لَبَلاَغاً لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ } [ ١٠٦ ] قال : لم يجعله بلاغاً لجميع عباده ، بل خصه لقوم عابدين ، وهم الذين عبدوا اللّه تعالى ، وبذلوا له مهجهم ، لا من أجل عوض ، ولا من أجل الجنة ، ولا من أجل النار ، بل حباً له وافتخاراً بما أهّلهم لعبادتهم إياه ، واللّه سبحانه وتعالى أعلم . |
﴿ ٠ ﴾