سورة الحج٣ قوله تعالى : { وَمِنَ الناس مَن يُجَادِلُ فِي اللّه بِغَيْرِ عِلْمٍ } [ ٣ ] أي يخاصم في الدين بالهوى والقياس دون الاقتداء ، فعند ذلك يضل الناس ويبتدع . ٨ قوله تعالى : { وَمِنَ الناس مَن يُجَادِلُ فِي اللّه بِغَيْرِ عِلْمٍ } [ ٨ ] أي يخاصم في الدين بالهوى والقياس دون الاقتداء ، فعند ذلك يضل الناس ويبتدع . ١١ قوله تعالى : { وَمِنَ الناس مَن يَعْبُدُ اللّه على حَرْفٍ } [ ١١ ] قال : المؤمن وجه بلا قفا ، كرّار غير فرّار ، تراه يجاهد في دين اللّه وطاعته ، من إقامة توحيده واقتدائه بنبيه ، وإدامة التضرع ، واللجأ إلى اللّه رجاء الاتصال به من موضع الاقتداء ، كما روى زيد بن أسلم عن النبي صلى اللّه عليه وسلم : ( ما من أمتي إلا دخل الجنة إلا من أبى ، قلنا : ومن الذي يأبى ذلك؟ قال : من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى أن يدخل الجنة ) . قوله : { فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطمأن بِهِ } [ ١١ ] يعني الذي يتبع الهوى إن رضي قلبه وفرحت نفسه بعاجل حظها اطمأن به ، وإلا رجع إلى ما يدعوه الهوى من الكفر . ١٤ قوله : { إِنَّ اللّه يُدْخِلُ الذين آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحات جَنَاتٍ } [ ١٤ ] قال : هم الذين صدقوا اللّه في السر والعلانية ، واتبعوا سنة نبيهم صلى اللّه عليه وسلم ، ولم يبتدعوا بحال . ١٨ قوله تعالى : { والشمس والقمر } [ ١٨ ] قال : سجود هذه الأشياء معرفتها بالحق بالتذلل والانقياد له . ٢٦ قوله : { وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ } [ ٢٦ ] يعني طهّر بيتي من الأوثان لعبادي الطاهرة قلوبهم من الشك والريب والقسوة ، فكما أمر اللّه بتطهير بيته من الأصنام ، فكذلك أمر بتطهير بيته الذي أودعه سر الإيمان ونور المعرفة ، وهو قلب المؤمن ، أمر اللّه تعالى المؤمن بتطهيره عن الغل والغش والميل إلى الشهوات والغفلة للطائفين فيه زوائد التوفيق والقائمين بأنوار الإيمان ، { والركع السجود } [ ٢٦ ] الخوف والرجاء ، فإن القلب إذا لم يسكن خرب ، وإذا سكنه غير مالكه خرب ، فإذا أردتم أن تعمروا قلوبكم فلا تدعوا فيها غير اللّه ، وإذا أردتم أن تعمروا ألسنتكم فلا تدعوا فيها غير الصدق ، وإذا أردتم أن تعمروا جوارحكم فلا تدعوا فيها شيئاً إلا بالسنة . ٢٧ قوله : { وَأَذِّن فِي الناس بالحج يَأْتُوكَ رِجَالاً } [ ٢٧ ] قال : إن للّه تعالى عباداً يذهبون إلى المساجد بعضهم على السرير ، وبعضهم على المراكب من ذهب عليها سندس ، وتجرها الملائكة . قال أحمد بن سالم : كنت في أرض أصلحها ، فرأيت سهلاً على فرش فوق ماء الفرات . وقال : دخلت يوماً دار سهل وكان بابه صغيراً ، فرأيت فرساً قائماً ، فخرجت فزعاً ، وتعجبت كيف دخل من هذا الباب الصغير ، فرآني سهل وقال : ارجع ، فرجعت فلم أر شيئاً . وحكي أن عمر ابن الخطاب رضي اللّه عنه أشرف على أهل عرفات فقال : لو يعلم الجمع هنا بفناء من نزلوا لاستبشروا بالفضل بعد المغفرة . ٢٨ قوله : { وَيَذْكُرُوا اسم اللّه في أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ على مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأنعام } [ ٢٨ ] يعني الهدايا والضحايا . وحكي عن فتح الموصلي أنه أشرف في يوم العيد على الموصل ، فرأى الدخان في بيوت الناس ، فقال : إلهي كم من متقرب إليك في هذه الليلة بقربان ، وقد تقربت إليك بقربان ، يعني الصلوات ، فما أنت صانع فيه يا محبوب . وحكي عن عدي بن ثابت الأنصاري أنه قال : قربان المتقين الصلاة ، واللّه أعلم . ٢٩ قوله : { وَلْيَطَّوَّفُوا بالبيت العتيق } [ ٢٩ ] قال : اختلف الناس فيه . قال الحسن : إنما سماه عتيقاً تكرمه له ، كما تقول العرب : جسد عتيق ، وفرس عتيق إذا كان كريماً . وحكى خاله محمد ابن سوار عن الثوري أنه قال : إنما قيل ذلك لأنه أقدم مساجد اللّه وأعتقها ، كما قال : { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً } [ آل عمران : ٩٦ ] ، وقال بعضهم : سماه عتيقاً لأنه لم يقصده جبار من الجبابرة بمكيدة إلا قصمه اللّه تعالى ، فأعتق البيت منه . وقال بعضهم : لأنه أعتق من الغرق في زمن الطوفان ، حيث رفع إلى السماء ، وكما أعتق اللّه بيته كذلك أعتق قلب المؤمن من الغير ، وهو أقدم مما نصبه اللّه تعالى علماً في أرضه وجعله في المسجد الحرام ، كذلك القلب له قلب آخر ، وهو موضع وقوف العبد بين يدي مولاه ، لا يتحرك في شيء إنما هو ساكن إليه . ٤٦ قوله تعالى : { فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي فِي الصدور } [ ٤٦ ] قال : أليس من نور بصر القلب يغلب الهوى والشهوة ، فإذا عمي بصر القلب عما فيه غلبت الشهوة وتواترت الغفلة ، فعند ذلك يصير البدن متخطياً في المعاصي غير منقاد للحق بحال . ٥٢ قوله تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تمنى أَلْقَى الشيطان في أُمْنِيَّتِهِ } [ ٥٢ ] قال : يعني إذا تلا ونفسه ملاحظة للتلاوة ألقى الشيطان في أذنه ، إذ له على النفس في شركة ، إذ الملاحظة فيها من هوى النفس وشهوتها ، فإذا شاهد المذكور لا الذكر لها القلب عما سواه ولم يشاهد شيئاً غير مولاه ، وصار الشيطان أسيراً من أسرائه ، ألا ترى أن العبد إذا سها في قراءته ، وذكر ربه عزَّ وجلَّ ، فهو يسكن قلبه إلى أدنى حظ من حظوظ النفس ، حتى يجد العدو عليه سبيلاً . وقد قال الحسن : الوسواس وسواسان ، أحدهما من النفس والآخر من الشيطان ، فما كان من ذلك إلحاحاً فهو من النفس يستعان عليها بالصيام والصلاة والأدب ، وما كان من ذلك نبذاً فهو من الشيطان يستعان عليها بالقرآن والذكر . ٥٤ قوله : { فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ } [ ٥٤ ] قال : صدق الإيمان وحقيقته يورث الإخبات في القلب ، وهو الرقة والخشية والخشوع في القلب وطول التفكر وطول الصمت ، وهذا من نتائج الإيمان ، لأن اللّه تعالى يقول : { فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ } [ ٥٤ ] ، واللّه سبحانه وتعالى أعلم . |
﴿ ٠ ﴾