سورة النمل١٠ قوله تعالى : { إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ المرسلون إَلاَّ مَن ظَلَمَ } [ ١٠ ، ١١ ] قال : لم يكن في الأنبياء والرسل ظالم ، وإنما هذه مخاطبة لهم كناية عن قومهم ، كما قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم : { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } [ الزمر : ٦٥ ] والمقصود من ذلك أمته ، فإنهم إذا سمعوا ما خوطب به النبي صلى اللّه عليه وسلم من التحذير كانوا أشد حذراً . ١٩ قوله تعالى : { رَبِّ أوزعني أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ التي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ } [ ١٩ ] قال : ليس للعبد أن يتكلم إلا بأمر سيده ، وأن يبطش إلا بأمره ، وأن يمشي إلا بأمره ، وأن يأكل وينام ويتفكر إلا بأمره ، وذلك أفضل الشكر الذي هو شكر العباد لسيدهم . قوله تعالى : { وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصالحين } [ ١٩ ] قال : يعني ارزقني قربة أوليائك ، لأكون من جملتهم ، وإن لم أصل إلى مقامهم . ٥٢ قوله تعالى : { فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظلموا } [ ٥٢ ] قال : الإشارة في البيوت إلى القلب ، فمنها ما هو عامر بالذكر ، ومنها ما هو خرب بالغفلة ، ومن ألهمه اللّه عز وجل بالذكر فقد خلصه من الظلم . ٥٩ قوله تعالى : { الحمد للّه وَسَلاَمٌ على عِبَادِهِ الذين اصطفى } [ ٥٩ ] قال : أهل القرآن يلحقهم من اللّه السلام في العاجل بقوله : { وَسَلاَمٌ على عِبَادِهِ } [ ٥٩ ] وسلام في الآجل ، وهو قوله : { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } [ يس : ٥٨ ] . ٦٢ قوله تعالى : { أَمَّن يُجِيبُ المضطر إِذَا دَعَاهُ } [ ٦٢ ] قيل : من المضطر؟ قال : الذي إذا رفع يديه لا يرى لنفسه حسنة غير التوحيد ، ويكون منه على خطر . وقال مرة أخرى : المضطر هو المتبرئ من الحول والقوة والأسباب المذمومة . والدعوة صنفان : دعاء المضطر ، ودعاء المظلوم وهي مستجابة من الناس لا محالة ، مؤمناً كان أو كافراً ، لأن اللّه تعالى يقول : { أَمَّن يُجِيبُ المضطر إِذَا دَعَاهُ } [ ٦٢ ] ، كقوله : { وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السمآء والأرض } [ النمل : ٦٤ ] ودعاء المظلوم يرفع فوق الحجاب ، ويقول اللّه تعالى : ( وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ) . ٦٥ قوله : { قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السماوات والأرض الغيب إِلاَّ اللّه } [ ٦٥ ] قال : أخفى غيبه عن المخلوقين بجبروته ، ولم يطلع عليه أحداً ، لئلا يأمن أحد من عبيده مكره ، فلا يعلم أحد ما سبق له منه ، فيكون همهم في إبهام العواقب ومجاري السوابق ، لئلا يدعو ما لا يليق بهم من أنواع الدعاوى في المحبة والمعرفة وغير ذلك . قال : كان مائة ألف صديق ظاهرين للخلق ، حتى كان لا يسمع أصوات الميازيب بيت المقدس من المجتهدين بالميل ، فلما ظهر شيئان ، سألوا اللّه تعالى فأماتهم دعوى الحب ودعوى التوكل . فقيل له في القول قول الحارث حيث قال : سهرت ليلي وأظمأت نهاري . فقال : يعني لا حاجة لي إلى الكشف ، لأنه حظ الكفار في الدنيا ، فأنا لا أشاركهم في حظهم ، فلذلك قلت : أنا مؤمن . قيل له : قوم يقولون مثل ما قال الحارث ، فقال : دعواهم باطلة ، وكيف تصح لهم الدعوى ، ولم يدع ذلك أبو بكر وعمر رضي اللّه عنهما ، وكانت شعرة في صدرهما أفضل من الحارث ، وإنما قال ذلك الحارث رضي اللّه عنه لا بنفسه ، وإنما أظهر اللّه ذلك فتنة لمن بعده من المدعين ، فكيف يصح لهؤلاء أن يدعوا ذلك لأنفسهم . ٧٣ قال تعالى : { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى الناس } [ ٧٣ ] قال : منعه فضل ، كما أن عطاءه فضل ، ولكن لا يعرف مواضع فضله في المنع إلا خواص الأولياء . ٨٨ قوله تعالى : { وَتَرَى الجبال تَحْسَبُهَا جَامِدَةً } [ ٨٨ ] قال : إن اللّه تعالى نبه عباده على تقضي الأوقات وغفلتهم فيها ، فجعل الجبال مثلاً للدنيا ، يظن الناظر أنها واقفة معه ، وهي آخذة بحظها منه ، ولا يبقى بعد الانقضاء إلا الحسرة على الفائت الناظر أنها واقفة معه ، وهي آخذة . |
﴿ ٠ ﴾