سورة العنكبوت١ قوله تعالى : { الم أَحَسِبَ الناس أَن يتركوا أَن يقولوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ } [ ١ ، ٢ ] قال : أي لا يصيبهم البلاء ، وإنما البلاء باب بين أهل المعرفة وبين الحق عزَّ وجلَّ . وحكي أن الملائكة تقول : يا رب ، عبدك الكافر بسطت له الدنيا وزويت عنه البلاء ، فيقول للملائكة : اكشفوا لهم عن عقابه ، فإذا رأوه قالوا : لا ينعمه ما أصاب من الدنيا . وتقول : يا رب ، عبدك المؤمن تزوي عنه الدنيا وتعرضه للبلاء . فيقول للملائكة : اكشفوا لهم عن ثوابه ، فإذا رأوا ثوابه قالوا : لا يضره ما أصابه في الدنيا . وقال : اجعلوا صلاتكم الصبر على البأساء ، وصومكم الصمت ، وصدقتكم كف الأذى ، والصبر على العافية أشد منه على البلاء . ومنه قيل : طلب السلامة أن لا تتعرض للبلاء . ١٧ قوله : { فابتغوا عِندَ اللّه الرزق } [ ١٧ ] قال : اطلبوا الرزق بالتوكل لا بالكسب ، فإن طلب الرزق بالكسب طريق العوام . وحكي عن عيسى بن مريم عليه السلام أنه قال : بحق أقول لكم : لا الدنيا تريدون ولا الآخرة . قالوا : بيّن لنا ذلك يا نبي اللّه ، وقد كنا نرى أنا نريد أحدهما . فقال : لو أطعتكم رب الدنيا الذي بيده مفاتيح خزائنها لأعطاكموها ، ولو أطعتم رب الآخرة لأعطاكموها ولكن لا هذه تريدون ولا تلك . ٢١ قوله تعالى : { يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ } [ ٢١ ] بمتابعة البدعة ، { وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ } [ ٢١ ] بملازمة السنة . ٤٣ قوله تعالى : { وَتِلْكَ الأمثال نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ العالمون } [ ٤٣ ] قال : ضرب اللّه الأمثال للناس عامة ، إذ شواهد القدرة تدل على القادر ، ولا يعقلها إلا خاصته ، فالعلم أعز ، والفقه عن اللّه أخص ، فمن عرف علم نفسه الطبيعية وحده وهم ، ومن عرفه بعلم اللّه فاللّه عرف مراده منه لنفسه ، وليس مع الخلق من معرفة الحق وراء ذلك ، وإنما وقعت الإشارة إليه لبعد قلوبهم عن المعرفة في الحقيقة . ٤٥ قوله : { إِنَّ الصلاة تنهى عَنِ الفحشآء والمنكر } [ ٤٥ ] قال : في هذه الآية تزيين الانصراف عن الفحشاء والمنكر بواحدة وهو الإخلاص في الصلاة ، وكل صلاة لا تنهى عن الفحشاء والمنكر ، ولا يوجد فيها تزيين الانصراف عن ذلك فهي معلولة ، والواجب تصفيتها . ٥٦ قوله تعالى : { إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فاعبدون } [ ٥٦ ] قال : يعني إذا عمل بالمعاصي والبدع في أرض فاخرجوا منها إلى أرض المطيعين . وقد قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ( الفارّ بدينه عند فساد الأمة له أجر سبعين شهيداً في سبيل اللّه عزَّ وجلَّ ) ، واللّه سبحانه وتعالى أعلم . |
﴿ ٠ ﴾