سورة الزّمر٧ قوله تعالى : { وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ } [ ٧ ] قال : أول الشكر الطاعة ، وآخره رؤية الجنة . ٩ قوله : { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الذين يَعْلَمُونَ والذين لاَ يَعْلَمُونَ } [ ٩ ] قال : العلم الكتاب والاقتداء ، لا الخواطر المذمومة ، وكل علم لا يطلبه العبد من موضع الاقتداء صار وبالاً عليه لأنه يدّعي به . ١١ قوله : { قُلْ إني أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللّه مُخْلِصاً لَّهُ الدين } [ ١١ ] قال : الإخلاص الإجابة ، فمن لم يكن له الإجابة فلا إخلاص له . وقال : نظر الأكياس في الإخلاص فلم يجدوا شيئاً غير هذا ، وهو أن تكون حركاته وسكناته في سره وعلانيته للّه عزَّ وجلَّ وحده ، لا يمازجه هوى ولا نفس . ١٧ قوله : { والذين اجتنبوا الطاغوت } [ ١٧ ] قال : الطاغوت الدنيا ، وأصلها الجهل ، وفرعها المآكل والمشارب ، وزينتها التفاخر ، وثمرتها المعاصي ، وميزانها القسوة والعقوبة . ٣٨ قوله : { إِنْ أَرَادَنِيَ اللّه بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ } [ ٣٨ ] قال : يعني إن نزع اللّه عني العصمة عن المخالفات أو المعرفة على الموفقات ، هل يقدر أحد أن يوصلها إلي ، { أو أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ } [ ٣٨ ] أي بالصبر على ما نهى عنه ، والمعونة على ما أمر به ، والاتكال عليه في الخاتمة . وقال : الرحمة العافية في الدين والدنيا والآخرة ، وهو التولي من البداية إلى النهاية . ٤١ قوله : { إِنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب لِلنَّاسِ بالحق } [ ٤١ ] يعني أنزله لهم ليهتدوا بالحق إلى الحق ، ويستضيؤوا بأنواره . ٤٢ قوله : { اللّه يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مِوْتِهَا والتي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا } [ ٤٢ ] قال : إذا توفى اللّه الأنفس أخرج الروح النوري من لطيف نفس الطبع الكثيف . والتوفي في كتاب اللّه على ثلاثة أوجه : أحدها الموت ، والآخر النوم ، والثالث الرفع . فالموت ما ذكرنا ، والنوم قوله : { والتي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا } [ ٤٢ ] يعني يتوفى التي لم تمت في منامها ، وقال : { وَهُوَ الذي يَتَوَفَّاكُم بالليل } [ الأنعام : ٦٠ ] يعني النوم ، والرفع بعيسى عليه السلام : { إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } [ آل عمران : ٥٥ ] فإنه إذا مات فينزع عنه لطيف نفس الروح النوري من لطيف نفس الطبع الكثيف الذي به يعقل الأشياء ويرى الرؤيا في الملكوت ، وإذا نام نزع عنه لطيف نفس الطبع الكثيف لا لطيف نفس الروح النوري ، فيستفيق النائم نفساً لطيفاً ، وهو من لطيف نفس الروح الذي إذا زايله لم تكن له حركة ، وكان ميتاً . ولنفس طبع الكثيف لطيفة ، ولنفس الروح لطيفة ، فحياة لطيف نفس الطبع بنور لطيف نفس الروح ، وحياة روح لطيف نفس الروح بالذكر ، كما قال : { أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } [ آل عمران : ١٦٩ ] أي يرزقون الذكر بما نالوا من لطيف نفس النوري ، وحياة الطبع الكثيف بالأكل والشرب والتمتع ، فمن لم يحسن الإصلاح بين هذين الضدين ، أعني نفس الطبع ونفس الروح حتى يكون عيشهما جميعاً بالذكر والسعي بالذكر ، فليس بعارف في الحقيقة . وقال عمر بن واصل : وكان المبرد النحوي يقول : الروح والنفس شيئان متصلان لا يقوم أحدهما بدون الآخر . قال : فذكرت ذلك لسهل ، فقال : أخطأ ، إن الروح يقوم بلطفه في ذاته بغير نفس الطبع الكثيف ، ألا ترى أن اللّه تعالى خاطب الكل من الذر بنفس روح وفهم عقل وفطنة قلب وعلم لطيف بلا حضور طبع كثيف . ٤٣ قوله : { أَمِ اتخذوا مِن دُونِ اللّه شُفَعَآءَ } [ ٤٣ ] قال : أم اتخذوا طريق البدعة في الدين قربة في الدين إلى اللّه ، على أن ينفعهم ذلك . ٤٥ قوله : { وَإِذَا ذُكِرَ اللّه وَحْدَهُ اشمأزت قُلُوبُ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة } [ ٤٥ ] جحدت قلوبهم مواهب اللّه عندها . ٥٣ قوله : { قُلْ ياعبادي الذين أَسْرَفُوا على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللّه } [ ٥٣ ] قال : أمهل اللّه تعالى عباده تفضلاً منه إلى آخر نفس ، فقال لهم : ( لا تقنطوا من رحمتي فلو رجعتم إلي في آخر نفسٍ قبلتكم ) قال : وهذه أبلغ آية في الإشفاق من اللّه تعالى إلى عباده ، لعلمه بأنه ما حرمهم ما تفضل به على غيرهم ، فرحمهم حتى أدخلهم في عين الكرم بالذكر القديم لهم . وقد حكي عن جبريل عليه الصلاة والسلام أنه سمع إبراهيم عليه الصلاة والسلام يقول : يا كريم العفو . فقال له جبريل عليه السلام : يا إبراهيم ، أتدري ما كرم عفوه؟ قال : لا يا جبريل . قال : إذا عفا عن سيئة جعلها حسنة . ثم قال سهل : اشهدوا علي أني من ديني أن لا أتبرأ من فساق أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم وفجارهم وقاتلهم وزانيهم وسارقهم ، فإن اللّه تعالى لا يُدْرَك غاية كرمه وفضله وإحسانه بأمة محمد صلى اللّه عليه وسلم خاصة . ٥٤ قوله : { وأنيبوا إلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ } [ ٥٤ ] يعني : ارجعوا له بالدعاء والتضرع والمسألة { وَأَسْلِمُوا لَهُ } [ ٥٤ ] يعني : فوضوا الأمور كلها إليه . ٥٦ قوله : { أَن تَقُولَ نَفْسٌ ياحسرتا على مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ اللّه } [ ٥٦ ] قال : يعني اشتغلت بعاجل الدنيا ولذة الهوى ومتابعة النفس ، وضيعت في جنب اللّه ، يعني في ذات اللّه القصد إليه ، والاعتماد عليه بترك مراعاة حقوقه وملازمة خدمته . ٦٣ قوله تعالى : { لَّهُ مَقَالِيدُ السماوات والأرض } [ ٦٣ ] بيده مفاتيح القلوب ، يوفق من يشاء لطاعته وخدمته بالإخلاص ، ويصرف من يشاء عن بابه . ٦٧ قوله تعالى : { وَمَا قَدَرُوا اللّه حَقَّ قَدْرِهِ } [ ٦٧ ] أي ما عرفوه حق معرفته في الأصل والفرع . ٦٨ قوله : { فَصَعِقَ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض } [ ٦٨ ] قال : باطن الآية أن الملائكة إنَّما يؤمرون بالإمساك عن الذكر لا بالنفخة ولا بنزع عزرائيل ، لأن اللّه أحياهم بذكره ، كما أحيا بني آدم بأنفاسهم ، قال اللّه تعالى : { يُسَبِّحُونَ الليل والنهار لاَ يَفْتُرُونَ } [ الأنبياء : ٢٠ ] فإذا أمسك الذكر عنهم ماتوا . ٦٩ قوله : { وَأَشْرَقَتِ الأرض بِنُورِ رَبِّهَا } [ ٦٩ ] قال : قلوب المؤمنين يوم القيامة تشرق بتوحيد سيدهم ، والاقتداء بسنة نبيهم صلى اللّه عليه وسلم . ٧٤ قوله : { الحمد للّه الذي صَدَقَنَا وَعْدَهُ } [ ٧٤ ] قال : إن الحمد منهم في الجنة ليس على جهة التعبد ، إذ التعبد قد رفع عنهم ، كما رفع خوف الكسب والقطع ، وبقي خوف الإجلال والتعظيم للّه عزَّ وجلَّ ، وإنما الحمد منهم لذة لنفس الطبع ونفس الروح والعقل ، واللّه سبحانه وتعالى أعلم . |
﴿ ٠ ﴾