سورة الذاريات١٥ قوله تعالى : { إِنَّ المتقين فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } [ ١٥ ] قال : المتقي في الدنيا في جنات الرضى يتقلب ، وفي عيون الأنس يسبح ، هذا باطن الآية . ١٧ قوله تعالى : { كَانُوا قَلِيلاً مِّن الليل مَا يَهْجَعُونَ } [ ١٧ ] قال : لا يغفلون ولا ينامون عن الذكر بحال . ١٩ قوله تعالى : { وفي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ والمحروم } [ ١٩ ] قال : يعني الصدقة على من طلبها منهم ومن لم يطلبها . وقال الحسن البصري : أدركت أقواماً إن كان الرجل ليعزم على أهله أن لا يردوا سائلاً ، ولقد أدركت أقواماً إن كان الرجل ليخلف أخاه في أهله أربعين عاماً ، وإن أهل البيت يبتلون بالسائل ، ما هو من الجن ولا من الإنس ، وإن الذين كانوا من قبلكم كانوا يأخذون من الدنيا بلاغاً ، ويبتاعون بالفضل أنفسهم . رحم اللّه امرأ جعل العيش عيشاً واحداً ، فأكل كسرة ولبس خلقاً ، ولزق بالأرض ، واجتهد في العبادة ، وبكى على الخطيئة ، وهرب من العقوبة ، وابتغى الرحمة ، حتى يأتي عليه أجله وهو كذلك . وحكي أن رجلاً أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال : يا رسول اللّه ما لي لا أحب الموت ، جعلني اللّه فداك؟ فقال : ( هل لك مال؟ ) قال : نعم . قال : ( قدم مالك ) قال : لا أطيق ذلك يا رسول اللّه . قال : ( فإن قلب المرء مع ماله ، إن قدمه أحب أن يلحقه ، وإن أخره أحب أن يتخلف معه . ) ٢٠ قوله تعالى : { وَفِي الأرض آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ } [ ٢٠ ] قال : يعني للعارفين باللّه يستدلون بها على معرفتهم . ٢١ قوله تعالى : { وفي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } [ ٢١ ] قال : أي في صورها وتقديرها بأحسن التقادير ، وعروقها السائرة فيها كالأنهار الجارية ، وشقوقها من غير ألم وصل إليكم بعدما كنتم نطفاً ، ثم ركبكم من طبق إلى طبق ، أفلا تبصرون هذه القدرة البليغة فتؤمنوا بوحدانيته وقدرته ، وأن اللّه تعالى خلق في نفس ابن آدم ألفاً وثمانين عبرة ، فثلاثمائة وستون منها ظاهرة ، وثلاثمائة وستون منها باطنة ، لو كشف عنها لأبصرتم ، وثلاثمائة وستون منها غامضة لا يعرفها إلا نبي أو صديق ، لو بدت منها عبرة لأهل العقول لوصلوا إلى الإخلاص ، فإن اللّه تعالى حجب قلوب الغافلين عن ذكره باتباعهم الشهوات عن هذه العبر ، فكشف قلوب العارفين به عنها فأوصلهم إليه . ٢٢ قوله تعالى : { وَفِي السمآء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ } [ ٢٢ ] أي تفرغوا لعبادتي ولا يشغلكم طلب الرزق عنا ، فإنا نرزقكم ، ثم قال : إن اللّه رضي عنكم بعبادة يوم فارضوا عنه برزق يوم بيوم . قال : وفيها وجه آخر : { وَفِي السمآء رِزْقُكُمْ } [ ٢٢ ] أي من الذكر وثوابه . ٢٤ قوله تعالى : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ المكرمين } [ ٢٤ ] قال : سماهم مكرمين لأنه خدمهم بنفسه ، وكان منذ سبعة أيام لم يطعم شيئاً ، ينتظر ضيفاً ، فلما أرسل اللّه تعالى ملائكته إليه استبشر بهم وخدمهم بنفسه ولم يطعم معهم ، وهي علامة الخلة المؤكدة أن يطعم ولا يطعم ، ويشفي الغير من ألم ويسقم . ٥٠ قوله تعالى : { ففروا إِلَى اللّه إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } [ ٥٠ ] قال : يعني ففروا مما سوى اللّه إلى اللّه ، وفروا من المعصية إلى الطاعة ، ومن الجهل إلى العلم ، ومن عذابه إلى رحمته ، ومن سخطه إلى رضوانه . وقد قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ( أعوذ بك منك ) ، فهذا أيضاً باب منه عظيم . ٥٤ قوله تعالى : { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ } [ ٥٤ ] قال : أعرض عنهم فقد جهدت في الإِبلاغ جهدك . واللّه سبحانه وتعالى أعلم . |
﴿ ٠ ﴾