سورة الحشر

٢

قوله تعالى : { يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي المؤمنين } [ ٢ ] قال : أي يخربون قلوبهم ويبطلون أعمالهم باتباعهم البدع وهجرانهم طريقة الاقتداء بالنبيين .

{ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ } [ ٢ ] أي بمجانبة المؤمنين ومشاهدتهم ومجالستهم فيحرمون بركاتهم .

{ فاعتبروا ياأولي الأبصار } [ ٢ ] { فَإِنَّ اللّه يُضِلُّ مَن يَشَآءُ } [ فاطر : ٨ ] بالخذلان { وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ } [ فاطر : ٨ ] بالمعونة ، وليس لكم من الأمر شيء .

٧

قوله تعالى : { وَمَآ آتَاكُمُ الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا } [ ٧ ] قال : أصول مذهبنا ثلاث : أكل الحلال ، والاقتداء بالرسول صلى اللّه عليه وسلم في الأخلاق والأفعال ، وإخلاص النية في جميع الأعمال .

وقال : ألزموا أنفسكم ثلاثة أشياء ، فإن خير الدنيا والآخرة فيها : صحبتها بالأمر والنهي بالسنة ، وإقامة التوحيد فيها وهو اليقين ، وعلماً فيه اتصال الروح ، وصاحب هذه الثلاثة أعلم بما في بطن الأرض مما على ظهرها ، ونظره في الآخرة أكثر من نظره في الدنيا ، وهو في السماوات أشهر بين الملائكة منه في الأرض بين أهله وقرابته . فقيل : ما العلم الذي فيه إيصال الروح؟ قال : علم قيام اللّه عليه والرضا .

٩

قوله تعالى : { وَيُؤْثِرُونَ على أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } [ ٩ ] قال : يعني مجاعة وفقراً . تقول العرب : فلان مخصوص إذا كان فقيراً ، فيؤثرون رضا اللّه على هواهم ، والإيثار شاهد الحب .

وقد حكي عن وهيب بن الورد أنه قال : يقول اللّه تعالى : ( وعزتي وعظمتي وجلالي ، ما من عبد آثر هواي على هواه إلا قللت همومه وجمعت عليه ضيعته ، ونزعت الفقر من قلبه ، وجعلت الغنى بين عينيه ، واتجرت له من وراء كل تاجر . وعزتي وجلالي ، ما من عبد آثر هواه على هواي إلا كثرت همومه ، وفرقت عليه ضيعته ، ونزعت الغنى من قلبه ، وجعلت الفقر بين عينيه ، ثم لا أبالي في أي واد هلك ) .

قوله تعالى : { وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فأولئك هُمُ المفلحون } [ ٩ ] قال : أي ومن يوق حرص نفسه وبخلها على شيء هو غير اللّه وغير ذكره ، فأولئك هم الباقون مع اللّه حياة طيبة بحياة طيبة .

١٤

قوله تعالى : { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شتى } [ ١٤ ] قال : أهل الحق مجتمعون ، وأهل الباطل متفرقون أبداً . وإن اجتمعوا في أبدانهم وتوافقوا في الظاهر ، فإن اللّه تعالى يقول في كتابه العزيز :

{ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شتى } [ ١٤ ] .

١٨

قوله تعالى : { ياأيها الذين آمَنُوا اتقوا اللّه وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } [ ١٨ ] قال : يسأل اللّه تعالى العبد عن حق نفسه ، وحق العلم الذي بينه وبين ربه ، وحق العقل ، فمن كان له فليؤدِّ حق نفسه وحق العلم الذي بينه وبين ربه بحسن النظر لنفسه في عاقبة أمره .

وحكي عن الحسن أنه قال : إذا مات ابن آدم قالت بنو آدم : ما ترك ، وقالت الملائكة : ما قدم؟

١٩

قوله : { وَلاَ تَكُونُوا كالذين نَسُوا اللّه } [ ١٩ ] عند الذنوب

{ فَأَنسَاهُمْ } [ ١٩ ] اللّه الاعتذار وطلب التوبة .

قال : ما من عبد أذنب ولم يتب إلا جره ذلك الذنب إلى ذنب آخر وأنساه الذنب الأول ، وما من عبد عمل حسنة إلا جرته تلك الحسنة إلى حسنة أخرى ، وبصره عقله تقصيره في الحسنة الأولى ، لكي يتوب من تقصيره في حسناته الماضية ، وإن كانت خالية صحيحة .

٢٢

قوله تعالى : { عَالِمُ الغيب والشهادة } [ ٢٢ ] قال : الغيب السر ، والشهادة العلانية .

وقال تعالى أيضاً : { عَالِمُ الغيب والشهادة } [ ٢٢ ] عالم بالدنيا والآخرة .

واللّه سبحانه وتعالى أعلم .

﴿ ٠