سورة الطلاق

٢

قوله تعالى : { ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ باللّه واليوم الآخر } [ ٢ ] قال : لا يقبل الموعظة إلا مؤمن ، والموعظة ما خرجت إلا من قلب سليم ، لا يكون فيه غل ولا حقد ولا حسد ، ولا يكون فيه حظ .

قوله تعالى : { وَمَن يَتَّقِ اللّه يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ } [ ٢-٣ ] قال : التقوى التبري من الحول والقوة ، والأسباب كلها دونه بالرجوع إليه يجعل له مخرجاً مما كلفه بالمعونة والعصمة من الطواف فيها . ولا يصح التوكل إلا للمتقين ، ولا تصح التقوى إلا بالتوكل ، لذلك قال اللّه تعالى :

{ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ } [ ٣ ] .

قوله تعالى : { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّه فَهُوَ حَسْبُهُ } [ ٣ ] قال : يعني من يكل أموره إلى ربه فإن اللّه تعالى يكفيه مهم الدارين أجمع . وقال أبو الحسن عمر بن واصل العنبري : سمعت سهلاً يقول : دخلت البادية سبعة عشرة مرة بلا زاد من طعام ولا شراب ولا هميان ولا ركوة ولا عصي فلم أحتج إلى شيء آكله إلا وهو معدّ لي ، فقربت من البادية ذات كرة ، فدفع إلي رجل درهمين صحيحين ، فوضعتهما في جيبي ومضيت ، فسرت مدة فلم أجد شيئاً ، فضعفت وجعلت أقول في نفسي : ما الذي أحدثت حتى حبس عنك معلومك؟ فسمعت صوتاً من الهوى يقول : اطرح ما في الجيب يأتك ما في الغيب . فتذكرت أن في جيبي درهمين ، فأخرجتهما ورميت بهما ، فلم أسر هنيهة حتى أبصرت رغيفين بينهما عسل ، كأنهما أخرجا من التنور ساعة ، وعدت إلى ما كنت عليه .

واللّه سبحانه وتعالى أعلم .

﴿ ٠