سورة الملك

١

قوله تعالى : { تَبَارَكَ الذي بِيَدِهِ الملك } [ ١ ] قال : أي تعالى اللّه وتعاظم عن الأشباه والأولاد والأضداد ، الذي بيده الملك يقلبه بحوله وقوته ، يؤتيه من يشاء ، وينزعه ممن يشاء ، وهو القادر عليه .

قوله تعالى : { وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الذي خَلَقَ الموت والحياة } [ ١-٢ ] قال : الموت في الدنيا بالمعصية ، والحياة في الآخرة بالطاعة . ولهذا قال اللّه تعالى لموسى عليه السلام فيما أوحى إليه : يا موسى ، إن أول من مات من خلقي إبليس لعنه اللّه لأنه عصاني ، وإني أعد من عصاني في الموتى . وقال : إن الموت خلق في صورة كبش أملح لا يمر بشيء فيجد ريحه إلا حيي .

وقد روي في الخبر أن أهل الجنة ليخافون الموت ، وأهل النار يتمنون الموت ، فيؤتى به في صورة كبش أملح ، ثم يقال : هذا الموت فانظروا ما اللّه صانع فيه ، ثم يضجع هناك فيذبح ، ثم يجعله اللّه تعالى في صورة فرس يسرح في الجنة ، لا يراه أحد من أهل الجنة إلا أنس به ولا يعلم أنه الموت .

قوله تعالى : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } [ ٢ ] قال : أي أصوبه وأخلصه ، فإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل ، حتى يكون صواباً خالصاً . والخالص الذي يكون للّه تعالى بإرادة القلب ، والصواب الذي يكون على سبيل السنة وموافقة الكتاب . وقال مرة أخرى :

{ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } [ ٢ ] أي توكلاً ورضاً علينا ، وسياحة بعد الزهد في الدنيا . وإن مثل التقوى واليقين كمثل كفتي الميزان ، والتوكل لسانه ، يعرف به الزيادة من النقصان . فقيل : وما التوكل؟ قال : الفرار من التوكل ، يعني من دعوى التوكل .

قوله تعالى : { وَهُوَ العزيز الغفور } [ ٢ ] قال : يعني المنيع في حكمه ، الحكيم في تدبيره بخلقه ، الغفور للنقصان والخلل الذي يظهر في طاعات عباده .

﴿ ١