سورة القيامة١ قوله تعالى : { لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ القيامة وَلاَ أُقْسِمُ بالنفس اللوامة } [ ١-٢ ] النفس الأمارة بالسوء هي النفس اللوامة ، وهي قرينة الحرص وطول الأمل . ثم قال : إنما نهاكم اللّه عن القبول وعن الاغترار بالدنيا وعن مخادعة النفس ، فقال تعالى : { إِنَّ النفس لأَمَّارَةٌ بالسواء } [ يوسف : ٥٣ ] وقال : { فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الحياة الدنيا } [ لقمان : ٣٣ ] وقال : { إِنَّ الشيطان لَكُمْ عَدُوٌّ } [ فاطر : ٦ ] . ٩ قوله تعالى : { وَجُمِعَ الشمس والقمر } [ ٩ ] قال : باطنها القمر نور بصر عين الرأس الذي لنفس الطبع ، والشمس نور بصر القلب الذي لنفس الروح والعقل ، ألا تراه كيف قال : { يَقُولُ الإنسان يَوْمَئِذٍ أَيْنَ المفر } [ ١٠ ] أي المكذب بيوم القيامة يقول عند جمع النورين : أين المخلص من عذاب اللّه . ٢٢ قوله تعالى : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [ ٢٢-٢٣ ] قال : من قتله حبه فديته رؤيته . ثم قال : جزاء الأعمال الجنة ، وجزاء التوحيد النظر إلى الحق عزَّ وجلَّ . وحكي عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه أنه قال : سيروا للبلاء وتجهزوا للفناء واستعدوا للقاء . وكانت رابعة رضي اللّه عنها تقول : إلهي ، إني أحب الدنيا لأذكرك فيها ، وأحب الآخرة لأراك فيها . إلهي ، كل ساعة تمر علي لا يكون لساني فيها رطباً بذكرك فهي مشؤومة . إلهي ، لا تجمع عليّ أمرين ، فإني لا أطيقهما ، الإحراق بالنار والفراق منك . ٢٦ قوله تعالى : { كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ التراقي } [ ٢٦ ] يعني الحلقوم . ٢٧ { وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ } [ ٢٧ ] أي : هل من طبيب يداوي؟ وقيل : من يصعد بروح الكافر إلى السماء . ٢٨ { وَظَنَّ أَنَّهُ الفراق } [ ٢٨ ] يقول : وعلم أنه الفراق للدنيا . ٢٩ { والتفت الساق بالساق } [ ٢٩ ] يقول : أمر الدنيا والآخرة . وقيل : هما ساقاك إذا التفتا في الكفن . وقد حكي أن يعقوب عليه السلام لما أتاه البشير قال : ما أذن لي ما آتيتك اليوم ، إلا أن أقول هون اللّه عليك سكرة الموت . وقيل للأسود بن يزيد حين احتضر : أبشر بالمغفرة . قال : فأين الحياء ممن كانت المغفرة منه؟ . وحكي أن أبا بكر الصديق رضي اللّه عنه لما احتضر جاءت عائشة رضي اللّه عنها فتمثلت بهذا البيت : [ الطويل ] لَعمرُك ما يغني الثَّراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدرُ فكشف عن وجهه فقال : ليس كذلك ، ولكن قولي : { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ } [ ق : ١٩ ] انظروا ثوبي هذين وكفنوني فيهما ، فإن الحي أحوج إلى الجديد من الميت . واللّه سبحانه وتعالى أعلم . |
﴿ ٠ ﴾