سورة المطفّفين١ قوله تعالى : { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } [ ١ ] قال : هم المنافقون ومن تخلق بأخلاقهم ، يطففون في صلاتهم ، كما قال سليمان رضي اللّه عنه : الصلاة مكيال ، فمن وفى وفي له ، ومن طفف فقد علمتم ما قال اللّه تعالى في حق المطففين : { أَتَأْمُرُونَ الناس بالبر وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ } [ البقرة : ٤٤ ] وتغمزونهم على ما عثروا عليه من عيوب الناس ، وترتكبون مثلها وأفظع منها . ولا يطلع على عثرات الخلق إلا مخطئ جاهل ، ولا يهتك سر ما اطلع عليه إلا ملعون . ولقد حكي أن اللّه تعالى أوحى إلى داود عليه السلام : أشكو إليك عبادي يا داود . فقال : ولم يا رب؟ قال : لأنهم يذنبون في السر ويتوبون في العلانية ، وإني لا أريد أن يطلع غيري على ذنب عبدي . ١٥ وقال عمر ابن واصل : سألت سهلاً عن قوله تعالى : { كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ } [ ١٥ ] قال : هم في الدنيا محجوبون عن الآمر والزاجر ، كما روي في الخبر : طوبى لمن كان له من قلبه واعظ ، ومن قلبه زاجر ، فإذا أراد اللّه فيه أمراً غيب معناه عنه ، وهم في الآخرة محجوبون عن الرحمة ، والنظر إلى اللّه عزَّ وجلَّ ، وعن نظره إليهم بالرضا والرضوان عند مناقشته إياهم ، كما قال : { وََقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ } [ الصافات : ٢٤ ] عن الدنيا فتلزمهم الحجة فيدخلهم النار ، ثم يفتح للمؤمنين مناظر إليهم فينظرون إليهم وهم يحرقون بالنار ، ويعذبون بألوان عذابها ، فتقرأ أعينهم فيضحكون منهم ، كما ضحكوا في الدنيا من المؤمنين ، ثم تسد المناظر ، وتطبق عليهم ، فعند ذلك يمحو اللّه أسماءهم ، ويخرج ذكرهم من قلوب المؤمنين ويقول : { هَلْ ثُوِّبَ الكفار مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } [ المطففون : ٣٦ ] وفيها دلالة بينة على إثبات الرؤية للمؤمنين خاصة . ١٨ قوله تعالى : { كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأبرار لَفِي عِلِّيِّينَ } [ ١٨ ] قال : الكتاب ظاهره في الآيتين جميعاً أعمال الخير والشر ، وباطنه أرواح المؤمنين وأرواح الكافرين ، تجمع أرواح المؤمنين عند سدرة المنتهى ، في حواصل طير خضر ترتع في الجنة إلى يوم القيامة ، مرقوم بالرضا والرضوان ، وتجمع أرواح الكفار في سجّين تحت الأرض السفلى ، تحت خد إبليس لعنه اللّه ، مرقوم بالعداوة والبغضاء . واللّه سبحانه وتعالى أعلم . |
﴿ ٠ ﴾